كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال ابن زيد: كانت العرب في الجاهلية يتبادلون بأزواجهم يعطي هذا امرأته هذا ويأخذ امرأة ذاك فقال الله: {وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} يعني تُبادل بأزواجك غيرك أزواجه، بأنْ تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته إلاّ ما ملكت يمينك لا بأس أن تبادل بجاريتك ما شئت فأمّا الحرائر فلا.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد الاصفهاني، عن أحمد بن محمد بن يحيى العبيدي، عن أحمد بن نجدة، عن الحماني، عن عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل: بادلني امرأتك وأُبادلك بامرأتي، تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي، فأنزل الله عزّ وجلّ: {وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} قال: فدخل عيينة بن حصين على النبي صلّى الله عليه وعنده عائشة فدخل بغير إذن، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه: «يا عيينة فأين الاستئذان؟» قال: يا رسول الله ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت، ثمّ قال: مَنْ هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذه عائشة أُمّ المؤمنين». قال عيينة: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق، قال رسول الله صلّى الله عليه: «إنَّ الله عزّ وجلّ قد حرّم ذلك» فلمّا خرج، قالت عائشة: مَنْ هذا يا رسول الله؟ قال: «هذا أحمق مطاع وإنّهُ على ما ترين لسيّد قومه».
قال ابن عبّاس في قوله: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} يعني أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر بن أبي طالب، وفيه دليل على جواز النظر إلى من يريد أن يتزوّج بها، قد جاءت الأخبار بإجازة ذلك.
أخبرنا عبدالله بن حامد، عن محمد بن جعفر المطيري، عن عبد الرحمن بن محمد بن منصور، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان عن عاصم الأحول، عن بكير بن عبد الله المزني أنَّ المغيرة بن شعبة أراد أنْ يتزوّج بامرأة، فقال النبيّ عليه السلام: «فانظر إليها فإنّه أجدر أن يودم بينكما».
وأخبرنا عبد الله بن حامد، عن محمد بن جعفر، عن علي بن حرب قال: أخبرني أبو معاوية، عن الحجّاج بن أرطأة، عن سهل بن محمد بن أبي خيثمة، عن عمّه سليمان بن أبي خيثمة قال: رأيت محمد بن سلمة يطارد نبيتة بنت الضحّاك على إجار من أياجير المدينة قلت: أتفعل هذا؟ قال: نعم، إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أنْ ينظر إليها».
وأخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد عن بشر بن موسى، عن الحميدي عن سفيان، عن يزيد ابن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة أنّ رجلًا أراد أن يتزوّج امرأة من الأنصار، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «أُنظر إليها فإنَّ في أعين نساء الأنصار شيئًا» قال الحميدي: يعني الصّغَر.
{وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا} حفيظًا.
قوله تعالى: {يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي} قال أكثر المفسِّرين: نزلت هذه الآية في شأن وليمة زينب. قال أنس بن مالك: أنا أعلم الناس بآية الحجاب، ولقد سألني عنها أُبيّ بن كعب لمّا بنى رسول الله صلّى الله عليه بزينب بنت جحش أولم عليها بتمر وسويق وذبح شاة، وبعثت إليه أُمّي أُمّ سليم بحيس في تور من حجارة، فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أنْ أدعو أصحابه إلى الطعام، فدعوتهم فجعل القوم يجيئون ويأكلون ويخرجون، ثمّ يجيء القوم فيأكلون ويخرجون.
فقلت: يا نبيّ الله قد دعوت حتى ما أجد أحدًا أدعوه، فقال: ارفعوا طعامكم فرفعوا وخرج القوم، وبقي ثلاثة نفر يتحدّثون في البيت، فأطالوا المكث، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمت معه لكي يخرجوا، فمشى رسول الله صلّى الله عليه منطلقًا نحو حجرة عائشة فقال: «السلام عليكم أهل البيت»، فقالوا: وعليك السلام يا رسول الله، كيف وجدت أهلك؟ ثمّ رجع فأتى حجر نسائه فسلّم عليهنّ، فدعون له ربّه، ورجع إلى بيت زينب، فإذا الثلاثة جلوس يتحدّثون في البيت، وكان النبيّ عليه السلام شديد الحياء، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا رأوا النبي صلى الله عليه وسلم ولّى عن بيته خرجوا، فرجع رسول الله عليه السلام إلى بيته وضرب بيني وبينه سترًا، ونزلت هذه الآية.
وقال قتادة ومقاتل: كان هذا في بيت أُمّ سلمة، دخلت عليه جماعة في بيتها أكلوا، ثمّ أطالوا الحديث، فتأذّى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستحيى منهم أن يأمرهم بالخروج، والله لا يستحيي من الحقّ، فأنزل الله عزّ وجلّ: {يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ} إلاّ أنْ تُدعوا {إلى طَعَامٍ} فيؤذن لكم فتأكلوه {غَيْرَ نَاظِرِينَ} منظرين {إِنَاهُ} إدراكه ووقت نضجه، وفيه لغتان أنىً وإنىً بكسر الألف وفتحها، مثل أَلّى وإِلّى ومَعًا ومِعًا، والجمع إناء، مثل آلاء وامعاء، والفعل منه أنى يأنى إنىً بكسر الألف مقصور، وآناء بفتح الألف ممدود. قال الحطيئة:
وأنيت العشا إلى سهيل ** أو الشعرى فطال بي الأنا

وقال الشيباني:
تمخضت المنون له بيوم ** أَنى ولكل حاملة تمام

وفيه لغة أُخرى: آن يأين أينًا. قال ابن عبّاس: نزلت في ناس من المؤمنين كان يتحيّنون طعام رسول الله صلّى الله عليه، فيدخلون عليه قبل الطعام إلى أن يدرك، ثمّ يأكلون ولا يخرجون، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأذّى بهم، فنزلت هذه الآية. و{غَيْرَ} نصب على الحال {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فادخلوا فَإِذَا طَعِمْتُم} أكلتم الطعام {فانتشروا} فتفرّقوا واخرجوا من منزله {وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} طالبين الأنس بحديث، ومحله خفض مردود على قوله: {غَيْرَ نَاظِرِينَ} ولا غير {مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النبي فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ والله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحق} أي لا يترك تأديبكم وحملكم على الحقّ ولا يمنعه ذلك منه.
حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب لفظًا قال: أخبرني أبو موسى عمران بن موسى بن الحصين قال: أخبرني أبو عوانة يعقوب بن إسحاق قال: أخبرني أبو عمرو عثمان بن خرزاد الأنطاكي، عن عمرو بن مرزوق، عن جويرية بن أسماء قال: قرئ بين يدي إسماعيل ابن أبي حكيم هذه الآية فقال: هذا أدب أدّبَ الله به الثقلاء.
وسمعت الحسن بن محمد بن الحسن يقول: سمعت محمد بن عبدالله بن محمد يقول: سمعت الغلابي يقول: سمعت ابن عائشة يقول: حسبك في الثقلاء أنّ الله تعالى لم يحتملهم وقال: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا}.
قوله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فاسألوهن مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} أخبرنا عبد الله بن حامد، عن محمّد بن يعقوب، عن محمد بن سنان الفزار، عن سهيل بن حاتم، عن ابن عون، عن عمرو بن سعيد، عن أنس بن مالك قال: كنت مع النبي صلّى الله عليه وكان يمرّ على نسائه، فأتى امرأة عرس بها حديثًا فإذا عندهم قوم، فانطلق النبي صلّى الله عليه أيضًا فاحتبس فقضى حاجته، ثمّ جاء وقد ذهبوا، فدخل وأرخى بينه وبيني سترًا قال: فحدّثت أبا طلحة فقال: إن كان كما تقول لينزلنّ شيء في هذا، فنزلت آية الحجاب.
وأنبأني عبدالله بن حامد الوزان أنّ الحسين بن يعقوب حدّثه عن يحيى بن أبي طالب عن عبد الوهاب عن حميد عن أنس قال: قال عمر: يا رسول الله، تدخل عليك البرّ والفاجر، فلو أمرت أُمّهات المؤمنين بالحجاب. فنزلت آية الحجاب.
وأخبرنا محمد بن عبدالله بن حمدون، عن أحمد بن محمد الشرقي، عن محمد بن يحيى عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبي، عن صالح بن شهاب، عن عروة بن الزبير: أنّ عائشة قالت: كان عمر بن الخطّاب يقول لرسول الله صلّى الله عليه: احجب نساءك، فلم يفعل، وكان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن ليلًا إلى ليل قبل المناصع وهو صعيد أقبح، فخرجت سودة بنت زمعة، وكانت امرأة طويلة فرآها عمر وهو في المجلس فقال: قد عرفتكِ يا سودة حرصًا على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله الحجاب.
وأخبرنا عبدالله بن حامد إجازة، عن محمد بن يعقوب، عن الحسين بن علي بن عفان قال: أخبرني أبو أُسامة، عن مخالد بن سعيد، عن عامر قال: مرَّ عمر على نساء النبي صلّى الله عليه وهو مع النساء في المسجد فقال لهنّ: احتجبن، فإنَّ لكنَّ على النساء فضلًا، كما أن لزوجكنَّ على الرجال الفضل، فلم يلبثوا إلاّ يسيرًا حتى أنزل الله آية الحجاب.
وروى عطاء بن أبي السائب عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: أمر عمر بن الخطاب نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب فقالت زينب: يابن الخطّاب إنّك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا، فأنزل الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فاسألوهن مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} {ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}.
وقيل في سبب نزول الحجاب ما أخبرنا أحمد بن محمد أنّ المعافى حدّثه عن محمّد بن جرير قال: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، عن هشام، عن ليث، عن مجاهد: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم ومعه بعض أصحابه فأصابت يد رجل منهم يد عائشة وكانت معهم، فكره النبي ذلك، فنزلت آية الحجاب.
أخبرنا أبو عبدالله محمد بن أحمد بن علي المزكى قال: أخبرني أبو العبّاس أحمد بن محمد بن الحسين الماسرخسي، عن شيبان بن فروخ الابلي، عن جرير بن حازم، عن ثابت البنائي، عن أنس بن مالك قال: كنت أدخل على رسول الله صلّى الله عليه بغير إذن، فجئت يومًا لأدخل فقال: مكانك يا بني، قد حدث بعدك أنْ لا يدخل علينا إلاّ بإذن.
قوله: {وَمَا كَانَ لَكُمْ} يعني وما ينبغي وما يصلح لكم {أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذلكم كَانَ عِندَ الله عَظِيمًا} نزلت في رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: لئن قبض رسول الله صلّى الله عليه لأنكحنّ عائشة بنت أبي بكر.
أنبأني عقيل بن محمد، عن المعافى بن زكريا، عن محمد بن جرير، عن محمد بن المثنى، عن عبد الوهاب، عن داود عن عامر أنّ النبي صلّى الله عليه مات وقد ملك قتيلة بنت الأشعث بن قيس ولم يجامعها، فتزوّجها عكرمة بن أبي جهل بعد ذلك، فشقّ على أبي بكر مشقّة شديدة، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله إنّها ليست من نسائه، إنّها لم يخيّرها رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم يحجبها، وقد برّأها منه بالردّة التي ارتدّت مع قومها قال: فاطمأنَّ أبو بكر وسكن.
وروى معمر عن الزهري: أنَّ العالية بنت طيبان التي طلّقها النبيّ صلّى الله عليه تزوّجت رجلًا وولدت له، وذلك قبل أنْ يحرّم على الناس أزواج النبي عليه السلام.
{إِن تُبْدُواْ شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ الله كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} قوله تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ في آبَآئِهِنَّ}.
قال ابن عبّاس: لمّا نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أيضًا نكلّمهنّ من وراء حجاب؟ فأنزل الله تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ في آبَآئِهِنَّ}.
{وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} في ترك الاحتجاب من هؤلاء وأن يروهن. وقال مجاهد: لا جناح عليهن في وضع جلابيبهن عندهم.
{واتقين الله إِنَّ الله كَانَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا}.
{إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ} قراءة العامة بنصب التاء وقرأ ابن عبّاس: {وَمَلاَئِكَتَهُ} بالرفع عطفًا على محلّ قوله: الله قبل دخول إنّ، نظيره قوله: {إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ والصابئون والنصارى} [المائدة: 69] وقد مضت هذه المثلة.
{يُصَلُّونَ عَلَى النبي} أي يثنون ويترحّمون عليه ويدعون له. وقال ابن عبّاس: يتبرّكون.
{يا أيها الذين آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ} ترحّموا عليه وادعو له {وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} وحيّوه بتحية الإسلام.
أخبرنا عبدالله بن حامد، عن المطري، عن علي بن حرب، عن ابن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، وأخبرنا أبو الحسن بن أبي الفضل العدل، عن إسماعيل بن محمد الصفّار، عن الحسين بن عروة، عن هشيم بن بشير، عن يزيد بن أبي زياد، وحدّثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدّثني كعب بن عجرة قال: لمّا نزلت {إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي} قلنا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: «قل: اللّهم صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد».
وأخبرنا عبد الله بن حامد الوزّان، عن مكي بن عبدان، عن عمّار بن رجاء عن ابن عامر، عن عبد الله بن جعفر، عن يزيد بن مهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا: يا رسول الله هذا السلام قد علمنا، فكيف الصلاة عليك؟ قال: «قولوا اللّهم صلِّ على محمّد عبدك ورسولك كما صلّيت على إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم».
وأخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف الفقيه، عن مكي بن عبدان عن محمد بن يحيى قال: فيما قرأت على ابن نافع، وحدّثني مطرف، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن عمرو بن حرم، عن أبيه، عن عمرو بن سليمان الزرقي، أخبرني أبو حميد الساعدي أنّهم قالوا: يارسول الله كيف نصلّي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا: اللّهم صلِّ على محمّد وأزواجه وذرّيته كما صلّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمّد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد».
وبإسناده عن مالك عن نعيم، عن عبد الله بن المجمر، عن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، عن أبي مسعود الأنصاري أنّه قال: أتانا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ونحن جلوس في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أنْ نصلّي عليك يا رسول الله، فكيف نصلّي عليك؟ فسكت رسول الله صلّى الله عليه حتّى تمنّينا أنّه لم يسأله، ثمّ قال: «قولوا اللّهم صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميدٌ مجيد، والسلام كما قد علمتم».
وأخبرنا عبد الله بن حامد بقراءتي عليه قال: أخبرنا محمّد بن خالد بن الحسن، عن داود ابن سليمان، عن عبد بن حميد قال: أخبرني أبو نعيم عن المسعودي، عن عون، عن أبي فاختة، عن الأسود قال: قال عبدالله: إذا صلّيتم على النبي صلّى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه، فإنّكم لا تدرون لعلّ ذلك يعرض عليه، قالوا: فعلِّمْنا، قال: قولوا: اللّهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيّد المرسلين وإمام المتّقين وخاتم النبيّين محمد عبدك ورسولك، إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة، اللّهم ابعثه مقامًا محمودًا يغبطه به الأوّلون والآخرون، اللّهم صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنَّك حميد.
أخبرنا عبد الخالق بن علي قال: أخبرني أبو بكر بن جنب عن يحيى بن أبي طالب عن يزيد بن هارون قال: أخبرني أبو معاوية، عن الحكم بن عبد الله بن الخطّاب، عن أُمّ الحسن، عن أبيها قالوا: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى: {إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي} فقال النبي عليه السلام: هذا من العلم المكنون، ولو أنّكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به، إنَّ الله تعالى وكَّلَ بي ملكين فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلّي عليَّ إلاّ قال ذانك الملكان: غفر الله لك، وقال الله تعالى وملائكته جوابًا لذينك الملكين: آمين، ولا أُذكر عند عبد مسلم فلا يصلّي عليَّ إلاَّ قال ذانك الملكان، لا غفر الله لك، وقال الله وملائكته جوابًا لذينك الملكين: آمين.
قوله تعالى: {إِنَّ الذين يُؤْذُونَ الله} يعني بمعصيتهم إيّاه ومخالفتهم أمره. وقال عكرمة: هم أصحاب التصاوير الذين يرومون تكوين خلق مثل خلق الله عزّ وجلّ، وفي بعض الأخبار يقول الله جلّ جلاله: ومَن أظلم ممّن أراد أنْ يخلق مثل خلقي فليخلق حبّة أو ذرّة، وقال عليه السلام: لعن الله المصوّرين. وقال ابن عبّاس: هم اليهود والنصارى والمشركون، فأمّا اليهود فقالوا: يد الله مغلولة وقالوا: إنَّ الله فقير. وقالت النصارى: المسيح ابن الله وثالث ثلاثة. وقال المشركون: الملائكة بنات الله، والأصنام شركاؤه.